الرجوع الى الخلف أهلا بكم في مدونتي

الأحد، يوليو 12، 2009

قراءة في قصة - كؤوس - للقاص محمد فري .. لمجيد تومرت

دلف إلى الحانة بسرعة، وكأنه يتملص من ملاحقة مجهولة تثقل كاهله، اتجه كآلة مبرمجة نحو البارمان، رمى بثقله على حافة الكونطوار، اتكأ بذراعه وطلب كأس نبيذ أحمر قان هي افتتاح لزمن لا يستطيع التكهن بنهايته. تلك كانت........
...........................................................................
يلتفت يمنة ويسرة محاولا استرجاع تحليقه فيتثاقل جسده، يتحامل على نفسه ثم يسير مترنحا مبتعدا عن الحان إلى أن تبتلعه الظلمة.
...........................................................................
بمقارنة بين بداية القصة ونهايتها تكتمل بنية السرد ،فهو يبدأ بإيقاع سريع (دلف إلى الحانة بسرعة) وتتصاعد السرعة بشكل خطي تعاقبي عبر توالي الكؤوس التي تنقل البطل من حالة الوعي بالشروط الموضوعية التي دفعته إلى الحانة (وكأنه يتملص من ملاحقة مجهولة تثقل كاهله) إلى حالة الانتشاء الحالمة الواهمة في أقصى درجاتها بفعل السكر والانتشاء المؤقت (تحولت نشوة العناق إلى نشوة التحليق والطيران..) لتكون النهاية سقوطا مفاجئا وكأن السارد يعيد البطل إلى حالته الأولى.فتكتمل بذلك البنية الدائرية للسرد وتتحدد معها قصدية ورسالة الكاتب إلى المتلقي حسب قرائتي المتواضعة لهذا القصة .- الحانة فضاء للهاربين من الواقع وشروطه القاهرة ،ونشوة الخمرة لحظة تسام وهمية سرعان ما تنتهي لتلفظ الواهم إلى واقعه المرير .- تتخلل استرسال السرد وخطيته انكسارات بواسطة الفلاش باك و استرجاع لبعض أحداث و لحظات الماضي الجميل الضائع لتنير لنا ماضي الذات /الفاعل//البطل فهي قوى فاعلة ضمنية تدفع الذات الى احتساء مزيد من الكؤوس التي تفعل فعلها السحري فتتوالى صور الماضي الضائع في المخيلة المنتشية التي تتنزعه من الحاضر الكالح (تحضر الكأس فيهجم عليها كالثور الهائج، يفرغها في بطنه بصوت مسموع، غليان يحاول إطفاءه بالسائل الجهنمي، فلا تزداد النار إلا اشتعالا، تحمر عيناه وتستبد به الرغبة المجنونة، تذكر الليلة التي جلب فيها امرأة إلى بيته...) بل إن لحظة الانتشاء التام ستحول الحاضر و فضاء الحانة المعزول عن الخارج إلى حالة خارج منفلتة من الزمان والمكان والتناقض ،هي أشبه بلحظة التسامي والإشراق عند المتصوفة (خف الجسد وانقشعت الظلمة وقيل يا أحزان اقلعي .. فأقلعت عن الهطول .. وغيض الضيق والقنوط وأحس بنشوة تتلبسه وكأنها مس من فقدان الوعي .. الوجوه الكالحة استحالت إلى إشراق بهي..) وسرعان ما ينجلي الزيف ويسقط الوهم (لكنه سرعان ما يسقط على الإسفلت بجانب الرصيف جاهلا سبب انتهاء التحليق.. ) يعود البطل الى عالم الواقع ويعمق السارد بذكاء مأساته بهذه الجملة التي يختتم بها النص :" يتحامل على نفسه ثم يسير مترنحا مبتعدا عن الحان إلى أن تبتلعه الظلمة."- أخي محمد فري أبطال قصصك متشابهون الى حد كبير ،هم شريحة واسعة في مجتمعنا ،دونكيشوتيون إشكاليون واقعيون ضائعون ..يبحثون عن قيم في زمن ضاعت وتفسخت فيه كل القيم ..ولقد أجدت الكتابة عنها بتفوق، لغة وتقنيات ورؤية سردية تستوعب كل الخصائص المستجدة في فن القصة القصيرة في أدبنا العربي والمغربي المعاصر .
لمجيد تومرت
عن موقع : الحوار المتمدن.

قراءة نقدية في قصة " فارس بلا جواد"

قراءة نقدية في قصة " فارس بلا جواد"
للكاتب محمد فري

تنهض القصة على فكرة أساسية، وهي الواقع الأليم الذي يعيشه المواطن القروي المهمش الفقير، والذي يعتمد على منتجات الأرض،و ينتظر المطر بفارغ الصبر.يمتزج الأمل بالألم ليشيدا خيمة حلم يعيش صالح بن المعطي أو" دون كيشوت" تحت ظلها، إنه بطل القصة التي جعل محمد فري كلماتها مسدسات عامرة بقذائفها كما يقول بريس بارين Brice barain..
ينتقل بنا محمد فري في قطار من الأفكار، ينقش البداية والنهاية، فتشكل المعاناة دائرة مغلقة لا يخرج منها البطل.يشرق السؤال في سماء القصة، أنتقي منه خيطا لعلني أهتدي إلى مداخل ومخارج هذا النص:فارس بلا جواد.أمسك بشعاع المحور الاجتماعي فأرى صالح بن المعطي يعيش الفقر، باع جزءا من أراضيه هاجر أولاده إلى إيطاليا للبحث عن عمل بعد أن لفظتهم القرية، بقي وحيدا تطارده الديون من كل حدب وصوب،يأكل قطعة خبز ويشرب إناء لبن في الغداء.لماذا تردت حاله وأصبح يعاني ككل الفقراء؟ وما أصعب معاناة بطلنا عندما يستيقظ فلا يجدصحة ولا مالا ولا ولدا.تأملت شعاعا كان منطفئا، لكنني أشعلت فتيلته بالسؤال، فأضاءت نفسية صالح بن المعطي :شخص فقد الأمل وراح يتأمل الحلم ويتمسك به، حلم يذكره بالماضي البهي الجميل: -كان الخير كثير والزرع وفير- كان قويا شرب إناء السمن المذاب-كان فارسا يملك فرسا يجري عليه كالريشة ويلاعب بندقيته بمهارة.-كان يتوفر على الفرس البركي، وهو من الخيول الأصيلة، يقود فرقة الفرسان الذين سيقاتلون في معركة وهمية-كان يوفر لفرسه أحسن رعاية: عبرة من الشعير خالية من الحصي والحجارة الصغيرة، ودلو ماء صاف عذب، وحمام يومي للمحافظة على نشاط الفرس وحيويته.فجأة يتغير الزمن، يصبح راعيا لنعجات يبحث لها عن طعام مستحيل، كالدم لا يمكن أن نصنعه.كان فارسا أصبح راعياتحولت البندقية بفعل الزمن إلى عصا، وأيام العز تضيف حرفا للكلمة) العز( فتصير الأيام عجزا.تحضرني نظرية أوفيد في التحولات حيث يقول :" إن السماء وكل ما تحتها يتغير وكذلك الأرض وما تضمه، ونحن كذلك جزء من الكون، لأننا لسنا أجسادا فحسب، بل نحن كذلك أرواح مجنحة تستطيع أن تجد لها مأوى في أجساد الحيوانات المفترسة أو الأليفة".وعندما يغيب السؤال، نتساءل مع محمد فري: هل غياب المطر هو المسؤول عن تدهور وضعية صالح بن المعطي؟وهل المطر غاب لأن الأخلاق غابت؟ هل هو عقاب الله ؟ حسب خواطر البطل؟ربما هناك سؤال آخر لا أريد طرحه كما لم يطرحه الكاتب ينقش أسئلة كثيرة مسكوت عنها ......إن اللغة التي استعملها محمد فري في هذا النص هي من السهل الممتنع، تمتح مباشرة من معين اللغة الحية.ونشير إلى أن اعتماد التسلسل الفكري للغة بهذا الشكل يساعد القارئ على نسج ذلك الخيال وحتى إن كان مستعصيا على البعض .فاللغة المغربية تأتي على لسان صالح بن المعطي ولسان أعيان الخيمة الكبرى، تبتدئ بالدعاء وتختتم به وبين البداية والنهاية تشيد اللغة إشارات رمزية.دعيو معانا يا الشرفاسيروا الله يبيض سعدكمويقويكم على من عاداكمالإشارات اللغوية السيميائيةالحافظ الله : الانطلاقةآروا الخيل : سرعة الخيل وغبار يتصاعد بإطلاق الأعنة لهاشدوا الخيل : الاقتراب من خيط الوصول وشد الأعنةاستعدادا للطلقة الجماعية الواحدةالمكاحل المكاحل : رفع البنادق والإمساك بالأعنة وانتظار إشارة القائدهوبــــ : لحظة انطلاقة أصوات انفجار البارودوبعد هذه النهاية المتقنة للفرسان، واطلاق البارود بنجاح،نجد القايد من داخل الخيمة الكبرى يختم كلامه بالدعاء فيقول : الله يرضي عليكمالله يكون منكم الزرع والزريعةمعاكم دعوات السادات الصالحينهناك إشارات سيميائية شكلية : حيث نجد ثنائية بين البندقية والعصا، فصالح بن المعطي أو" دون كيشوت يرى العصا بندقيةألم يكن مهووسا بالفروسية ؟يقول السارد أيضا " إيه يالحظات الماضي..كان " مقدم الدوار " يأتي بنفسه باحثا عن " صالح بن المعطي " ليخبره عن رغبة " القايد " في إقامة " التبوريدة "..وأن حضوره مع فرسان الدوار ضروري.. "ويختم "..فتصطدم يده بورقة رثة.. ويتذكر إنذار القرض الفلاحي الذي عجز عن تسديد ديونه القديمة والمتأخرة."نلاحظ جليا أن استدعاء القائد يختلف عن استدعاء القرض الفلاحي....أود أن أختم هذه القراءة بما يلي :نص فارس بلا جواد له أكثر من بعد ....لم يعتمد محمد فري على العقدة والحل نظرا لأن القصة الحديثة لا يشترط فيها ذلكيستعمل محمد فري أسلوب السخرية متمثلا في قول السارد "الغيث صدر إلى الخارج"هناك ثنائية التضاد في نص مغلق مثل الدائرة لا يمكن للبطل أن يخرج من أجوائها فهناك الحلم أي استرجاع الماضي وهو خط مستقيم داخل الدائرة يمثل بلغة الرياضيات (-1) أما الصفر(0) فيمثل لحظة تواجده مع نعاجه وهو الواقع المِؤلم، ويبقى (+1) منعدما لعدة اعتبارات، هل سيمنحه القرض الفلاحي قرضا آخر ؟ هل هو الحلم بعودة الأولاد من ايطاليا؟ حتى وان سلمنا بذلك وقلنا يمكن أن نبدأ من( +1) فالواقع يرمز إلى السلبيوالسلبي مع الايجابي يشكلان وحدة سلبية.ومهما يكن من أمر فإن صالح بن المعطي يستمد قوته من خياله ويهرب من الواقع إنه فارس وجواده هو الحلم: حلم عاش ماضيا وانعدم حاضرا.
ثريا حمدون
منتديات مجلة أقلام

...

أعبر الطريق..أكتشف أنني وحيد رغم الازدحام الشديد..أحس برغبة في الصراخ، أدرك فقدان صوتي..أبحث عنه في كل الزوايا.. في كل الأبعاد..يواجهني الفراغ أغوص في داخلي أبحث عن أناي..أتيه في الأعماق في العتمة أتلمس الطفل.. أمد له يدي..أحاول أن أربت على رأسه أقترب.. أكاد ألمسه..فجاة، ينفلت مني..يغيب.. أعود إلى وحدتي..أتابع المسير.. أحاول أن أنسى..أحاول ألا أهتم لاشيء يهم.. لاشيء يهم . /
....
أزور المرآة كل صباح..طقس روتيني أمارسه كالعبادة الآلية..دون روح..دون شجن.. أحملق في الوجه الغريب..يحملق في بصلف، أكاد لا أعرفه، أحس بالتشظي ينبعث من أعماقي ويصعد إلى العيون الأربع المتقابلة..أغوص في فراغي، ألتفت في كل الأركان ،تحاصرني الأشياء بقوة..كم أحس بالضعف نحوها رغم تفاهتها، أشعر بتفاهتي تكاد تخنقني..أحاول الخروج من شرنقتي التي نسجتها يداي.. غريب أن تكون هي من خلقت إحساسي بهذا الوضع..تحاصرني الأسئلة حول الجدوى من العلاقة، كيف يستولي علي الانهزام ويسد علي المنافذ؟..هل انكسر مؤشر البوصلة، فتهت عن " الشمال " كما يقولون.. بالأمس حدثني صديقي العليم بكل شيء..أحسست بنبرة منزاحة تحرك كلامه، لعله يصنفني في خانة الصفر الفاقد للقيمة..أو يعتبرني ملغيا فاشلا لا يحسن مجاراة اللعبة..عن أي لعبة يتحدث يا ترى؟ فقدت الرغبة في اللعب منذ زمن..فقدت الإحساس بالأشياء..فقدت الثقة بالأخر..هل يجهل هذه الأشياء؟ كيف يحاسبني وهو لا يحسن الغوص في الأغوار؟..كيف يحاكمني وهو يجهل عدم اهتمامي بكل المواضعات..كل شيء عبث..كل شيء نخب هواء..لاشيء يهم..لاشيء يهم!!
محمـــد فــــري

...
النص تم توقيعه بمنتديات إنانا .

....

...